إيران تتعهد بحماية المواقع الشيعية بالعراق، والمسلحون يدخلون مصفاة بيجي

اقتحم مسلحون سنة أكبر مصفاة نفط في العراق يوم الأربعاء في الوقت الذي أثار فيه الرئيس الإيراني حسن روحاني احتمال الدخول في حرب طائفية ستنتشر عبر الحدود في الشرق الأوسط.

وقال مسؤول بمصفاة بيجي بشمال العراق: إن متشددين سنة يسيطرون على 75 بالمئة من المصفاة بعد قتال شرس عند البوابات التي تدافع عنها قوات خاصة إثر حصار استمر أسبوعًا.

وأسفر الهجوم المباغت للمقاتلين السنة عن طرد قوات حكومية من مدن رئيسية في الشمال، وسيطرة المتشددين عليها منذ الأسبوع الماضي.

ويقود المقاتلين تنظيمُ الدولة الإسلامية في العراق والشام الذي يسعى لإقامة خلافة إسلامية تحكم بمبادئ العصور الوسطى، لكنه يضم أيضًا عدة أطياف سنية معتدلة أغضبها ما تراه قمعًا من جانب بغداد. وسحبت بعض شركات النفط الدولية العمال الأجانب. وقال رئيس شركة نفط الجنوب في العراق ضياء جعفر: إن اكسون موبيل قامت بعملية إجلاء كبرى في حين سحبت شركة (بي.بي) البترولية 20 في المئة من عمالها. وانتقد جعفر هذه التحركات مشيرًا إلى أن المواقع التي تنتج النفط للتصدير تقع أساسًا في الجنوب الشيعي بعيدًا عن ساحة القتال.

وتحاول واشنطن، وعواصم غربية أخرى إنقاذ العراق كدولة موحدة بالضغط علي رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي؛ للتعاون مع معارضيه السياسيين من السنة والأكراد. واجتمع المالكي مع معارضين سنة وأكراد مساء الثلاثاء، وانتهى الاجتماع بظهور مشترك اتسم بالفتور ومناشدة من أجل الوحدة الوطنية.

وفي كلمة نقلها التلفزيون يوم الأربعاء ناشد المالكي العشائر نبذ أولئك القتلة، والمجرمين الذين يمثلون أجندات أجنبية.

لكن حكومة المالكي اعتمدت حتى الآن -بشكل شبه كلي- على دعم أنصارها الشيعة،، وهاجم مسؤولون زعماء سنة، ووصفوهم بالخونة في حين جرى حشد ميليشيات شيعية -يعتقد كثيرون إن ايران تمولها وتدعمها؛ لوقف تقدم السنة، بينما ينهار الجيش العراقي وقوامه مليون جندي وأسسته الولايات المتحدة بتكلفة 25 مليار دولار.

ومثلما يجري من حرب أهلية في سوريا المجاورة فإن القتال الجديد في العراق ينذر بجر قوى إقليمية مجاورة تحشد على أسس طائفية لما يصوره مقاتلون على الجانبين بأنه صراع وجود.

وقدّم “روحاني” أوضحَ إعلان حتى الآن على أن إيران هي القوة الشيعية الرئيسية في الشرق الأوسط التي خاضت حربًا ضد العراق، وأودت فيها بحياة نحو مليون شخص في الثمانينات، وهي مستعدة للتدخل لحماية المراقد الكبرى لأئمة الشيعة في العراق، والتي يزورها ملايين الحجاج سنويًا.

وفي بث تلفزيوني على الهواء مباشرة قال روحاني أمام حشد من الإيرانيين: “بالنسبة للمراقد الشيعية في كربلاء، والنجف، والكاظمية، وسامراء نقول للقتلة والإرهابيين: أن الأمة الإيرانية الكبيرة لن تتردد في حماية المراقد المقدسة.”

وذكر روحاني أن كثيرين عبروا عن استعدادهم للذهاب الى العراق؛ للدفاع عن المراقد المقدسة “، ووضع الإرهابيين في حجمهم الطبيعي”. وأضاف أن مقاتلين مخضرمين من سنة، وشيعة، وأكراد العراق “مستعدون للتضحية”. وتتحصن القوات الحكومية العراقية في مدينة سامراء التي يوجد بها أحد أهم المزارات الشيعية، وهدد المقاتلون السنة بمهاجمة النجف وكربلاء.

وقالت السعودية القوة السنية الرئيسية في المنطقة: إن العراق ينزلق نحو حرب أهلية. وانتقد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في كلمات من الواضح أنها موجهة لإيران ولحكام العراق الشيعة احتمال التدخل الأجنبي، وقال: إن الحكومات في حاجة إلى تلبية المطالب المشروعة للشعوب.

وكانت حكومة المالكي قد اتهمت السعودية بالمساعدة على ارتكاب “إبادة جماعية” بدعم المسلحين السنة. وتدعم الرياض المقاتلين السنة في سوريا لكنها تنفي دعم الدولة الإسلامية في العراق والشام.

والهدف الحالي للمقاتلين هو مصفاة بيجي أكبر مصدر لإنتاج الوقود للاستهلاك المحلي في العراق ما يتيح لهم إحكام قبضتهم على إمدادات الطاقة في الشمال حيث يشكو سكان المنطقة من نقص الوقود.

و أُغلقت المصفاة يوم الثلاثاء، ونُقل العمال الأجانب بطائرة هليكوبتر.

وقال مسؤول بمصفاة بيجي من داخلها: “استطاع المتشددون اقتحام المصفاة. وهم يسيطرون الآن على وحدات الإنتاج، ومبنى الإدارة، وأربعة أبراج للمراقبة. يمثل هذا 75 في المئة من المصفاة.”

ونفت الحكومة سقوط المصفاة في أيدي المسلحين. وأصر صباح نوري المتحدث الإعلامي باسم جهاز مكافحة الإرهاب في العراق على أن القوات الحكومية ما زالت تسيطر على المصفاة، وأنها قتلت بين 50 و60 مقاتلًا، وأضرمت النار في ست أو سبع مركبات للمقاتلين بعد أن تعرضت لهجوم من ثلاث جهات.

ويمثل التقدم المفاجئ للجماعة الإسلامية -في العراق والشام الأسبوع الماضي- اختبارا للرئيس باراك أوباما الذي سحب القوات الأمريكية من العراق عام 2011.

واستبعد أوباما إرسال قوات برية، لكنه يدرس خيارات عسكرية أخرى للمساعدة في الدفاع عن بغداد، وتحدث مسؤولون أمريكيون عن تعاون مع طهران ضد عدو مشترك.

لكن الولايات المتحدة، ومسؤولون دوليون آخرين يصرون على ضرورة قيام المالكي بالمزيد؛ لعلاج الإحساس المستشري بالإقصاء السياسي بين السنة (وهم أقلية كانت تحكم العراق حتى الغزو الأمريكي عام 2003)، والإطاحة بصدام حسين.

وتخشى دول غربية من أن تتحول دولة سنية صغيرة تسيطر عليها الدولة الاسلامية في العراق والشام إلى ملاذ آمن للمتشددين الذي يمكن أن يقوموا بشن هجمات على مستوى العالم.

وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمام البرلمان: إنه يختلف “مع من يعتقدون أن هذا ليست له علاقة بنا، وأنه إذا قام نظام إسلامي متطرف في وسط العراق فلن يؤثر علينا. سيؤثر علينا.”

وأضاف “الناس في هذا النظام يحاولون الاستيلاء على أراض، ويخططون أيضًا لمهاجمتنا داخل المملكة المتحدة.”

وفي تكرار لمساع فاشلة سابقة لتضييق هوة الانقسامات العرقية، والطائفية عقد زعماء سنة، وأكراد، وشيعة اجتماعًا مغلقًا في وقت متأخر من مساء أمس الثلاثاء، ثم وقفوا أمام الكاميرات، بينما تلا رئيس الوزراء الشيعي السابق إبراهيم الجعفري بيانًا.

وقال الجعفري في كلمة: إن القوى الإرهابية لا تمثل أي طائفة أو دين. وتضمنت الكلمة تعهدا عامًا بمراجعة المسار السابق.

وبعد ذلك غادر معظم القادة، وبينهم المالكي، وأسامة النجيفي -أكبر زعيم سني شارك في الاجتماع- المكان في صمت.

ورغم أن البيان المشترك الصادر يوم الثلاثاء ذكر قصر حمل السلاح على من يعملون في الدولة إلا أنه جرى حشد آلاف من أفراد الميليشيات الشيعية؛ للدفاع عن بغداد.

وقال مصدر شيعي يعمل بالحكومة: أن عصائب أهل الحق، و كتائب حزب الله، ومنظمة بدر يتمركزون إلى جانب الوحدات العسكرية العراقية كقوة قتالية رئيسية.

وتسود حالة من القلق في بغداد مع اقتراب المعارك لمسافة لا تبعد سوى ساعة واحدة عن العاصمة بالسيارة. وشهدت العاصمة التي يقطنها نحو سبعة ملايين نسمة قتالًا طائفيًا عنيفًا بين عامي 2006 و2007، ولا زالت مقسمة لأحياء شيعية، وسنية تحميها أسلاك شائكة، وجدران ضد التفجيرات.

وقالت الهند: إنها قلقة على مصير نحو 40 من عمال البناء الهنود فُقدوا في منطقة تسيطر عليها جماعة الدولة الاسلامية في العراق والشام.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

كن مراسلاً، أرسل خبرك هنا