أين لغتنا ؟

احتفلت المؤسسات التعليمية والنوادي الثقافية والأدبية والوزارات في مختلف أرجاء المملكة العربية السعودية و دول الوطن العربي باليوم العالمي للغة العربية والذي يوافق ١٨ ديسمبر من كل عام ولكن لسان حالنا يقول: 
ألقاه في اليمِّ مكتوفاً
وقال إياك إياكَ أن تبتلَّ بالماءِ
 
ربما يكون هذا موقفنا من اللغة العربية الأم، في الوقت الذي أغرقناها في اللهجات العامية واللغات الأجنبية نقول لها لا تغرقي فكيف تنقذ نفسها وسط أمواج عاتية من التغريب والتهميش والعزلة التي سجناها بها داخل الكتب الدراسية والرسائل الرسمية والمعاملات فقط وعزلناها عن حياتنا اليومية وباتت لغة للاستهتار والضحك وتبادل النكات..
فبينما يضج شاطئ الكورنيش في مدينة جدة عروس البحر الأحمر بالاحتفاء والاعتزاز بيوم اللغة العربية العالمي نجدنا في أماكن شتى لم نشعر به بين أُسرنا ونحن المتفردون بهذا الخلود اللغوي المعجِز باكتسابنا للغة القرآن اللغة العربية التي تأصلت جذورها أكثر بفضل الرسالة المحمدية،، فجاءت الاحتفالات مثلجة للصدر مبشرة بعودة أقوى للغة الأم إلا أن الواقع لا يعكس هذا الاحتفاء أبداً ونجد جموع المغتربين العرب يحتفون بهذا اليوم بشكل أكثر عمقا وانتماء مما يُشعرهم بالفخر والإعتزاز في العالم الغربي  أو الشرقي الأدنى.
وقد سلطت قناة سكاي نيوز العربية الضوء على هذه القضية وعرضت التقارير والمقابلات الإعلامية مع بعض الكتاب في الإمارات لنقاش قضية اللغة العربية في هذه المناسبة وهي قناة بريطانية الأصل وانطلقت نسختها العربية في العاصمة الشقيقة أبوظبي، بينما قنواتنا الأصيلة والمحلية لم ترصد الحدث إلا في نشرات الأخبار فقط! 
وفي ظل الاحتفالات الدولية فقد احتفلت منظمة اليونسكو أيضا باليوم العالمى للغة العربية، وقد تم اختيار هذا اليوم وفقاً لليوم الذي تقرر فِيْه إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل فى الأمم المتحدة، بعد اقتراح قدمته المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية خلال انعقاد الدورة 190 للمجلس التنفيذى لمنظمة اليونسكو، وذلك منذ عام 1973، ويأخذ الاحتفال أشكالا متعددة ومختلفة.. بما يدفعنا للتساؤل عن الذى قدمناه نحن، مجتمعا وأفرادا، فى سبيل المحافظة على اللغة العربية والعمل على الارتقاء بها، خاصة أن من سمات “العربية” قدرتها الخاصة على الاستمرار عبر الزمن.
وَقَدْ تداول المغردون الوسم #يوم_اللغة_العربية وأثروا صفحات التوتير بأجمل العبارات والأشعار كما ترنم بعضهم على أمجادنا اللغوية المندثرة بينما قدم الكثير من التربويين والأدباء والصحافيين مقترحات لتكثيف غرس اللغة العربية في المناهج التعليمية كما تم تعزيز مكانة اللغة الإنجليزية بشكل غير محكم في كثير من الدول الخليجية والعربية، وقد زحفت هذه العدوى إلى المجتمع السعودي والمؤسسي المحلي في كون من يتقن اللغة الإنجليزية أكثر كفاءة من غيره كما يعتبر كادرا مهما تتخاطفه المؤسسات لتوظيفه بينما يتم تهميش من يملك حصيلة لغوية إنجليزية ضعيفة باعتباره واحدا من آلاف الكوادر العاملة (العادية). 
والسؤال المتداول المطروح الآن: لماذا يفرض الأجنبي لغته في بلادنا كما يفرضها علينا في بلاده؟ 
ربما الشعور بعدم الاعتزاز وهشاشة الشخصية أمام المنجز العالمي الغربي الذي فرض هيمنته على جميع الشعوب، فإذا تحررنا من هذا الشعور فإننا سنتمكن من فرض لغتنا في بلادنا على كل زائريها فلغتنا هي أساس جمال كل ترنيمه وهي الأغنى تعبيرا والأعمق دلالة ومعنى، وهذه دعوة للآباء لترسيخ وتثبيت وتعظيم لغتنا في نفوس وعقول أبنائنا كما ندعو المبتعثين والمغتربين للحرص على تعليم أولادهم اللغة العربية وعدم التباهي بعدم معرفتهم بها لأن لافخر لنا بذلك.   
لغـــــةٌ إذا وقَـعَتْ على أسماعِـنا **** كــــانـــتْ لنا برداً على الأكْـــبادِ
سَتَظَلُّ رابِطةً تُؤَلِّفُ بيننا *** فهي الرجاءُ لناطقٍ بالضَّادِ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

كن مراسلاً، أرسل خبرك هنا