يحتفى المنظمون لمهرجان مدينة كنساس السينمائي بفيلم “وجدة” للكاتبة والمخرجة السعودية هيفاء المنصور بعرضه في حفل خاص ضمن فعاليات المهرجان التي تتواصل من الاثنين 6-4-2014 إلى الأحد المقبل.
وبحسب الجدول الذي وضعه المنظمون، فمن المقرر عرض الفيلم السعودي في أمسية يوم الجمعة المقبل، في تمام الـ6:30 ليعقبه لقاء لمناقشة مضمون الفيلم.
ومن المقرر أن يخصص عائد تذاكر عرض الفيلم، التي سيكون ثمنها 22 دولارا، لخدمة قضايا المرأة والطفل، بحسب موقع ” EIN News ” الأمريكي.
وسيشهد المهرجان عرض 170 عملا سينمائيا متنوع من الأفلام القصيرة والأفلام الوثائقية والرسوم المتحركة.
يروي “وجدة” قصة طفلة ذات تصميم عمرها 10 سنوات (تلعب دورَها الممثلة وعد محمّد) وصراعها من أجل الحصول على درّاجة خضراء. تحدث القصة في ضواحي الرياض، مكان لا يمكن فيه للنساء التنقّل بحرية، ويُعتبَر ركوب الدراجة تهديدًا لبراءة الطفلة. تأمل وجدة الفوز في مسابقة لحفظ القرآن في المدرسة لتتمكن من شراء درّاجة بالجائزة المالية التي ستُقدَّم لها.
كما تروي المنصور أنّ قصة البطلة مستقاة من ابنة أخيها. “فهي مفعَمة بالطاقة، لديها روح دعابة رائعة، لكنّ أخي محافِظ، وهو أرادها أن تكون كسواها”، توضح. “في نظري، كانت هذه خسارة كبرى. تذكرتُ الكثير من الطفلات اللواتي نشأنَ معي. كانت لديهنّ إمكانات كبيرة. فقد استطعنَ تغيير العالم لو أتيحت لهنّ الفرصة”.
من منظار الفتاة المتمرّدة، التي ترتدي حذاءً رياضيَّا بنفسجيَّا ذا أربطة، وتطلي أظفارها باللون الفيروزيّ، ينكشف للجمهور جانبٌ من جوانب الحياة في المملكة العربية السعودية، يندر أن يراه الغرباء من الخارج. تثير الحياة في السعودية، وكذلك الفيلم، اهتمامًا شديدًا في إسرائيل، التي لا يُسمَح لمواطنيها بدخول المملكة ، وهي تبدو لهم عالَمًا غريبًا وبعيدًا.
لكن رغم مدح النقاد للفيلم، فإنّ معظم الاهتمام متّجه نحو المؤلفة والمخرجة، هيفاء المنصور، مع التركيز على مكانة النساء في السعودية.
تقطن المنصور اليوم في البحرين مع زوجها الأمريكي. وكانت قد نشأت في أسرة من الطبقة الوسطى على الساحل الشرقي للسعودية. كان والدها مستشارًا قانونيًّا، اعتاد إحضار أفلام معه من سفراته حول العالم إلى البيت، وهكذا كشف السينما أمام ابنته، إذ لا سينما في المملكة. وعشقت الفتاةُ السينما.
لكن بسبب القوانين المتصلّبة ضدّ النساء في السعودية، خُشي من قدرة امرأة على إنتاج فيلم سينمائي، واستصعبت الحصول على تمويل أو على ثقة المنتِجين. في نهاية المطاف، استغلّت المنصور واقع عدم وجود قانون يحظُر تصوير الأفلام في المملكة، ببساطة “لأنّ ذلك لم يحدث أبدًا”. وأتى التمويل جزئيًّا من روتانا، شركة الإنتاج التي يملكها الأمير السعودي الوليد بنُ طلال، وكذلك من شركة إنتاج ألمانيّة.
في الفيلم، تحاول المنصور تجسيد الحياة في المملكة العربية السعودية بأمانة، وكذلك الحفاظ على الاحترام للحضارة. وهي تروي أنّ الرجال والنساء لا يظهرون معًا على الشاشة إلّا في المشاهد التي تصوّر بيتًا أو مستشفى. كما تروي أنها حاولت أن تلتقط عبر عدسة الكاميرا الديناميكية المثيرة للاهتمام بين الرجال والنساء في الحيّزَين العامّ والخاصّ: “تتغيّر الحركات كليًّا حين ينتقل الأشخاص من الخارج إلى الداخل، لا سيّما فيما يتعلّق بالنساء”، تروي المنصور. “لأنهنّ في الخارج غير منظورات، لكنهنّ في البيت يملأن المكان بحضورهنّ، فيغنين ويرقصن. هذا الانتقال فاتِن”.
صعّبت التقاليد الاجتماعيّة المتصلبة عملية التصوير، التي استمرّت ستّة أسابيع. حين أرادت المنصور التصوير في الخارج، كان عليها الجلوس في الشاحنة والتحدّث إلى ممثليها عبر جهاز نداء، وهكذا كان على أيّ تغيير أو ملاحظة أن يكونا بالواسطة لا فوريَّين، ما أثار لديها إحباطًا شديدًا. لكن رغم الإحباط، فهي راضية جدًّا عن النتيجة النهائية، وهي ليست وحدها.
فقد فاز الفيلم “وجدة” بثلاث جوائز في مهرجان البندقية الأخير ومهرجان تريبيكا، ليكون أوّل ممثل للسعودية على الإطلاق في الأوسكار. وليس على الشاشات فقط، فقد نجح الفيلم في تغيير الواقع، حين غيّر الملك عبد الله، في أعقاب نجاح الفيلم، القانون في المملكة، بحيث أصبح يُسمَح للفتيات بركوب الدراجة، ولكن فقط في أماكن منعزلة، وهنّ يرتدين الحِجاب. في الأسابيع القادمة، سيُعرَض الفيلم في إسرائيل، ويُتوقَّع أن يحظى بنجاح كبير في دور السينما، التي لم يُعرَض فيها في الماضي أيُّ فيلم سعوديّ.
يذكر أن مهرجان “كانساس” السينمائي اكتسب شهرة وقبولا واسعا بين الأمريكيين في الآونة الأخيرة على مشاهدة الأعمال المعروضة فيه.